جمعية بداية – مؤسس مدرسة الفنون الجميلة
قصر الأمير يوسف كمال
يعتبر قصر الأمير يوسف كمال في منطقة المطرية في القاهرة واحداً من أجمل قصور أسرة محمد علي، إذ إن صاحبه الأمير يوسف كمال كان متذوقا للفن ، فهو مؤسس مدرسة الفنون الجميلة في العام 1905 وجمعية محبي الفنون الجميلة العام 1924، وقد بنى قصره في فترة امتزجت فيها العمارة الأوروبية بالعمارة الشرقية ( العربية الإسلامية ) وقد بنى القصر عام 1908 ، وصممه مهندس القصور الملكية الشهير انطونيو لاشياك وهو من أشهر المعماريين الذين وفدوا إلى مصر في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وهو نفسه من قام ببناء قصر الطاهرة فى اوائل القرن العشرين ، وهو الذى صمم مجموعة كبيرة من مبانى وسط البلد ، مثل الفرع الرئيسى لبنك مصر ، عمارات الخديوية ، المبنى القديم لوزارة الخارجية المصرى بميدان التحرير ، مدرسة الناصرية بشارع شامبليون ، مبنى محطة الرمل بالإسكندرية ، كما أنه أعاد تصميم قصر عابدين بعد تعرضه للحريق ، حيث كان مبنيا قبل ترميمه بالخشب على غرار مبنى الأوبرا القديم الذى تعرض هو الآخر للحريق عام 1971.
وقد استغرق بناء القصر 13 عاماً، ونظراً لمجريات الحوادث وهجوم المباني والتوسع العمراني غير المحسوب فإن هذا القصر يعد نموذجاً لصمود القيم الجمالية في مواجهة هجوم الحضارة الإسمنتية.
منطقة المطرية الواقع فيها القصر تمثل بانوراما طبيعية هائلة فهي من أشهر المناطق الأثرية منذ فجر التاريخ إذ عرفت في العصور الفرعونية باسم ( اون ) أي مدينة الشمس ، وأطلق عليها الرومان اسم هليوبوليس وأطلق عليها العرب اسم عين شمس ، ومن أشهر آثارها مسلة سونسرت الأول بارتفاع 20 متراً وتزن 121 طناً ، وعمود مرنبتاح الأثري وبقايا معابد الرعامسة وشجرة مريم التي قيل إن السيدة مريم والسيد المسيح جلسا تحتها في رحلة الهروب من اضطهاد الرومان وغيرها من الآثار التاريخية ، كما أن القصر كانت تحيط به حديقة مساحتها 12 فداناً من الأشجار والزهور ، ونظراً لأن الأمير يوسف كمال أشتهر بالصيد فقد تحول هذا القصر إلى متحف عقب ثورة 1952، إذ كان غنياً بالحيوانات المحنطة التي اصطادها أثناء رحلاته إلى أفريقيا.
وصف القصر
أما عن وصف القصر ومكوناته وطرازه المعماري فإن هذا القصر تحفة معمارية ذات ذوق رفيع يطل بواجهته على حديقة اتساعها حوالي 14 فداناً .
أما عن التصميم المعماري فهو طراز أوروبي يرجع إلى عصر النهضة بداية من واجهة القصر الرئيسية ، فالأعمدة والزخارف النباتية تظهر فيها التأثيرات الغربية ، فالقبة المفتوحة أعلى العقد التي تبدو أقرب إلى قرص الشمس حينما تتسع بأنوارها على الكون .
وفي الواجهة الرئيسة سلم خارجي ذو تصميم مبتكر ، إذ يسبقه شكل دائري يشبه حوضا للزرع، يعلوه شكل دائري آخر يلتقي عنده طرفا السلم الخارجي ، أما المدخل الرئيس الذي يؤدي إلى بهو الاستقبال فتطل أعمدة الطابق الثاني عليه بشموخ وكبرياء تجعل الفرد يشعر كأنه في أحد المعابد الرومانية القديمة ، إذ تظهر التيجان فوق الأعمدة الضخمة الرائعة والتيجان الموجودة بأعمدة القصر ذات تأثيرات أوروبية في زخارفها ، ويتصدر البهو سلم رخامي ذو فخامة في التصميم حيث يبدو أكثر اتساعاً في أوله ، ثم تضيق درجاته رويداً حتى يفرق طرفي السلم عند البسطة الصغيرة ، ويؤديان إلى الطابق الثاني ، أما سقف البهو فهو قبو مستطيل يعلوه شرفة تطل على حديقة القصر.
تصميم القصر يجمع بين طراز النهضة الفرنسية مع طراز النهضة الإيطالية ، وللقصر أربع واجهات تبعاً للاتجاهات الأصلية وجميعها تتبارى في الجمال المعماري ، وتتميز الواجهات بأنها صممت بنظام الكتل البارزة والكتل الغائرة ، فالواجهة الشمالية تتوسطها كتلة مدخل تعلوها شرفة وهذه الشرفة تعلوها قبة.
وعلى اليسار توجد قاعة استقبال أخرى، كان يشغلها الأمير ويتصدر جدار الواجهة لوحة للأمير وبعض رفاقه أثناء إحدى رحلات الصيد.
أما الطابق الثاني من القصر فيشمل القاعات والحجرات الخاصة بالمعيشة ومنها قاعة ذات تأثيرات فنية صينية ظهر فيها رسم للتنين في السقف إلى جانب مظاهر حياتية مختلفة.
على اليمين القاعة العربية وغرفة الاستقبال المميزة بالتغطيات والعقود الخشبية ، التي تحيط بالباب الذي يفتح على شرفة القصر الخارجية، وعلى النوافذ كذلك السقف الذي تم تغطيته بالأخشاب والزخارف المحفورة في مستويات عدة .
وتغطى الجدران بأقمشة ذات ألوان وزخارف متكررة تحيط بها إطارات خارجية ، يوجد فيها أعمدة خشبية فيها مسارات فنية، ويتصدر القاعة عقد بتصميم متميز يحيط بإحدى نوافذ القاعة ، وتوجد مدفأة من الرخام ، وأعلاها دوائر تشبه الشمس تحيط بها إطارات مذهبة إلى جانب الأشكال الزخرفية المتعددة ، ويلي القاعة قاعة طعام وهي تمثل فخامة قاعات القصور الكبرى ، إذ الثراء في الزخارف والألوان على النوافذ الزجاجية ، وعلى الابواب وعلى مختلف جدرانها .
وتوجد فيها موائد رخامية تحملها أعمدة رقيقة ، ويوجد هناك تجويف رخامي بزخارف جميلة، كما يوجد فيها تمثال لرجل بملامح أفريقية بقرنين من رأس أحد الحيوانات ، أما باقي الجدران فهي مجلدة بالرخام ، هذا إلى جانب العديد من القاعات التي تظهر فيها تغطية الجدران بالأقمشة والزخارف المختلفة ، ولا تخلو هذه الزخارف من تجميل السقف بلمسات فنية رائعة الجمال والأشكال .
القاعة العربية تجعل من يدخلها يعيش في أجواء عصر المماليك ، إذ جمع الأمير يوسف كمال محتوياتها من قصور بعض المماليك القديمة ، وتنطق الصورة بجمال هذه القاعة ، عندما ننظر إلى السقف تظهر هذه القبة التي يشع زجاجها بضوء الشمس وزخارفها بتناغم جمال الحليات الخشبية مع جمال باقي العناصر الزخرفية ، وتتماثل القبة مع النافورة في خط يربط بين مركزيهما ، وتشع في هذه القاعة التأثيرات العثمانية على ( بلاطات القيشانى ) ، وعلى أحد جدرانها توجد نافذتان تأخذان الشكل المتطور من فن المشربية إذ تظهر الزخرفة الخشبية التي يغطيها الزجاج الملون فتبدو وكأنها قرص من صناعة النحل .
اضف تعليقا