صوره لمعركه الاسماعيليه بين رجال الشرطه والمحتل الانجليزى بالاسماعيليه

عيد الشرطه…..ما بين الحاضر والماضى

في مثل هذا اليوم سطر التاريخ معركة الإسماعيلية الشهيرة بين المحتل الإنجليزي والشعب المصري ، والتي ابرز فيها رجال الشرطة المصريين مواقف مشرفة ، فقبل 68 عام من الآن ، واستبسلوا في مواجهة الاحتلال الأجنبي للدفاع عن ارض مصر  وترابها ، خرج جموع الشعب المصري في الإسماعيلية لاستقبال الأبطال بمحطة السكة الحديد، وسط هتاف زلزل الارض بسبب شجاعتهم وصمودهم في وجه المحتل.

تبدأ قصة معركة الشرطة في صباح يوم الجمعة الموافق 25 يناير عام 1952 م حيث قام قائد الاحتلال البريطاني في منطقة القناة باستدعاء ضابط الاتصال المصري ، لتسليم الانذارات الموجهة لضباط الشرطة تخاطبهم بالاستسلام الفوري وتسليم الأسلحة حفاظا على الارواح ودون سفك المزيد من الدماء والانسحاب إلى القاهرة وتسليم منطقه القناه فما كان من المحافظة إلا أن رفضت الإنذار البريطاني وأبلغته إلى وزير الداخلية آنذاك فؤاد سراج الدين باشا، والذى طلب من الضباط الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام وارسل الدعم الى القناه لمساعده الضباط المصريين في مواجهه المحتل.

كانت هذه الحادثة سبب من اسباب اندلاع العصيان لدى قوات الشرطة و التي كان يطلق عليها بلوكات النظام وهو ما جعل القوات الإنجليزية يقومان بمحاصرة المدينة وتقسيمها إلى حي العرب وحى الانجليز ووضع اسلاك شائكة بين المنطقتين بحيث لا يصل أحد من أبناء المحافظة إلى الحى الراقي .

فتلك الأسباب ليست فقط ما ادت لاندلاع المعركة ولكن السبب الرئيسي هو إلغاء معاهدة 36 في 8 أكتوبر 1951 فغضبت بريطانيا غضبا شديدا واعلنت الحرب نظراً لإلغاء المعاهدة ومن هنا كانت شراره اشعال الحرب على المصريين ومعه أحكام قبضة المستعمر الإنجليزي على المدن المصرية و مدن القناة والتي كانت مركزا لمعسكرات الإنجليز وبدأت أولى حلقات النضال ضد المستعمر وبدأت المظاهرات العارمة للمطالبة بجلاء الإنجليز.

و في السادس عشر من أكتوبر 1951 ظهرت شرارة التمرد ضد وجود المستعمر بحرق مستودع  النافي وهو مستودع تموين وأغذية بحرية للإنجليز مقره بميدان عرابي بقلب مدينة الإسماعيلية ، وقام المصرييون بإحراقه بعد مظاهرات العمال والطلبة والقضاء علية  لترتفع قبضة الإنجليز على أبناء البلد وتزيد الحصار فقرروا تنظيم جهودهم لمحاربة الانجليز فكانت النهاية أحداث 25 يناير 1952.

بدأت المجزرة في الساعة السابعة صباحا حيث انطلقت المدافع بقنابلها لتدك مبنى المحافظة و ثكنة بلوكات النظام بلا شفقه و رحمة وبعد أن تقوضت الجدران وسالت الدماء أنهارا، فأمر الجنرال بوقف الضرب لمدة كي يعلن على رجال الشرطة المحاصرين في الداخل إنذاره الأخير وهو التسليم والخروج رافعي الأيدي بدون أسلحتهم وإلا فإن القوات  الإنجليزية ستواصل الضرب بأقصى شدة‏.‏

وتملكت الدهشة القائد البريطاني المتعجرف حينما جاءه الرد من ضابط شاب صغير الرتبة لكنه تمتلكه الحماسة والروح الوطنية، وهو النقيب مصطفى رفعت، فقد صرخ في وجهه في شجاعة وثبات‏” لن تتسلمونا إلا جثثا هامدة”. واستأنف البريطانيون المذبحة فانطلقت المدافع و الدبابات وأخذت القنابل تنهمر على المباني حتى تحولت إلى رماد، بينما تبعثرت في أركانها الأشلاء ورويت الارض بالدماء‏ الطاهرة. ‏

وبالرغم من ذلك ظل أبطال الشرطة في اماكنهم صامدين مقاومين رصاصات الانجليز ببنادقهم العتيقة من طراز ‏(لي إنفيلد‏)‏ ضد أقوى المدافع وأحدث الأسلحة البريطانية حتى نفدت ذخيرتهم، وسقط منهم في المعركة ‏56‏ شهيدا و‏80‏ جريحا،  وفى الجبهة الاخرى سقط ‏13‏ قتيلا و‏12‏ جريحا، وأسر البريطانيون من بقى منهم على قيد الحياة من الضباط والجنود وعلى رأسهم قائدهم اللواء أحمد رائف ولم يفرج عنهم إلا فى فبراير‏ 1952.

ولم يستطع الجنرال الإنجليزي أن يخفى إعجابه بشجاعة المصريين فقال‏ ” لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف “، ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا. وقام جنود فصيلة بريطانية بأمر من الجنرال بأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة تكريما لهم وتقديرا لشجاعتهم‏ وحتى تظل بطولات الشهداء من رجال الشرطة في معركتهم ضد الاحتلال الإنجليزي ماثلة في الأذهان ليحفظها ويتغنى بها الكبار والشباب وتعيها ذاكرة الطفل المصري ..

 

نشر المقال