⇐ ناطحات السحاب 

تعتبر ناطحات السحاب رمزا للحضارة والتقدم المعماري، فكيف ظهرت وما تاريخها؟

ظهرت ناطحات السحاب الأولى، المباني التجارية الطويلة ذات الأطر الحديدية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.  أصبحت الأبنية الطويلة ممكنة من خلال سلسلة من الابتكارات المعمارية والهندسية، بما في ذلك اختراع العملية الأولى لإنتاج المعدن الصلب على نطاق واسع واليوم تحتوي أطول ناطحات سحاب في العالم أكثر من 100 طابق وتتجاوز ارتفاع 2000 قدم.

 يتم إنشاء ناطحات السحاب بمختلف الأشكال والأحجام محتوى الهيكل الفولاذي يجعلها إنشاءات مرنة جدّاً, لكن المشكلة تكمن في مخيلة المهندسين والمصممين المعماريين الذين يقومون بجمع القضبان والعوارض.

فناطحات السحاب التي تمّ إنشاؤها في أواخر القرن التاسع عشر كانت على شكل العلب المصممة من الحجارة والجدران الزجاجية الستائرية.

لكن في بدايات القرن العشرين بدأت العملية الجمالية تتغير بإضافة المؤثرات القوطية المبالغ فيها لإخفاء شكل الإنشاء الصندوقي الفولاذي. وفي الفترة الممتدة بين عشرينات القرن العشرين وأربعينياته عملت الحركة الفنية الديكورية هذه المسألة لإنشاء المباني كي تبدو على شكل الصروح الفنية
ثم حدث تحول في خمسينيات القرن الماضي عندما بدأ يظهر الأسلوب العالمي بحيث تبدو ناطحات السحاب بدون زخارف أو بمقدار بسيط من الزخارف, الأمر الذي يفسر إنشاؤها بالمجمل من الزجاج والفولاذ والبيتون. ومنذ ستينات القرن العشرين أخذ العديد من المصممين المعماريين ناطحات السحاب إلى آفاق جديدة غير متوقعة. فواحدة من هذه التنوعات المدهشة كانت تتمثل في جمع مقاطع هيكلية عمودية متنوعة أو أنابيب ضمن مبنى واحد. 

مقاومة الجاذبية الأرضية ؟
العقبة الرئيسية التي تواجه عملية الارتفاع في علو البناء هي مقاومة الجاذبية الأرضية . تخيل أنك تريد حمل صديقاً لك على كتفيك, فإذا كان هذا الشخص خفيف الوزن ستبدو هذه العملية ممكنة, لكن لو أنّ شخصاً آخر تمّ وضعه على كتفي صديقك الذي تحمله فإنّ ثقل الوزن الملقى على كتفيك سيكون كبيراً عليك كي تحمله لوحدك. فلإقامة برجٍ مرتفع من الناس ستحتاج إلى عدد أكبر من الأشخاص في الأسفل (القاعدة لدعم الأشخاص الموجودين في الطبقات العليا.
وهذه هي طريقة بناء الأهرامات, حيث يتوجب توافر مواد مدعمة أكثر في الأسفل, وذلك لدعم قسم المواد المركبة في المنطقة العلوية. وفي كل مرّة نضيف فيها طبقة فأن مجمل القوة الواقعة على كل نقطة في الأسفل تزيد الضغط عليها, وإذا ما استمررنا في زيادة قاعدة الهرم سيصبح ذلك غير قابل للتطبيق بسرعة كبيرة كون أنّ القاعدة السفلية ستتطلب مساحة واسعة من الأرض المتاحة. أما بالنسبة للمباني التقليدية المصنوعة من القرميد والمورتار يمكننا زيادة سماكة الجدران السفلية إذا ما أردنا بناء طوابق علوية جديدة وبعد أن تصل إلى ارتفاع محدد ستصبح هذه العملية غير عملية, لكنّ السؤال يدور حول ما هي أهمية الارتفاع في البناء إذا خسرنا المساحة الموجودة في الطوابق السفلية .

و باستخدام هذه التقنية لن يكن بمقدورنا تجاوز حد ارتفاع الـ10 طوابق كون أن عملية الارتفاع بأكثر من ذلك لكن تكون عملية لكن في أواخر القرن التاسع عشر ظهرت تطورات وظروف ساعدت المهندسين على كسر هذا الحاجز .
إضافةً إلى الحاجة إلى تواجد مركز العمل في أماكن قريبة من المدن , دفعت المهندسين للتفكير بشكل جدّي في إيجاد حل لبناء إنشاءات ولمخاطر سقوط المباني التي يمكن العمل على إنشائه بشكل مرتفع .
والتقدم التقني الأساسي الذي جعل إمكانية بناء ناطحات السحاب واردة تمثل في تطور إنتاج الحديد والفولاذ, وذلك من خلال إنتاج القضبان الحديدة والصلبة التي منحت المهندسين مجموعة كاملة جديدة من البلوكات الإنشائية للعمل, كما قدم لنا التطور التقني القضبان الحديدة ذات الوزن الخفيف التي تستطيع أن تدعم وزن أكبر بطريقة أفضل من الجدران القرميدية الصلبة التي كانت مستخدمة في عمليات إنشاء المباني القديمة, كما أن هذه القضبان قادرة على تقليص الحاجة إلى مساحة أكبر خلال الإنشاءات. أضف إلى ذلك أن الإمكانيات الفولاذية البسمرية ساعدت المهندسين المعماريين في التخلي عن الحديد في الإنشاءات كونها هي الطريقة المثالية في إنتاج صناعة الفولاذ, الأمر الذي مهد لنا الطريق لبناء إنشاءات أكثر ارتفاعاً مما كان في السابق.

ناطحة السحاب الأعلى في العالم؟
منذ أن بدأت عملية بناء ناطحات السحاب في أواخر القرن التاسع عشر, تنافست المدن والشركات لإنشاء البرج الأكثر ارتفاعاً في العالم. لكن حتى الآن ما زال هذا الموضوع مثيراً للجدل, حيث لم يتفق كل الناس على بناء واحد.
بشكل تقليدي تعرّف المبنى على أنه إنشاء غايته السكن فيه, وهذا ما يستثني العديد من الإنشاءات الطليقة المرتفعة مثل بناء سي إن الموجود في مدينة تورنتو الذي يصل ارتفاعه إلى 1815 قدم.
وعلى أيّة حال ما زال يدور الجدل حول المباني التقليدية. فعلى سبيل المثال, إذا قمنا بحساب السطح ضمن الارتفاع سيصل ارتفاع برج سيرز إلى 1730 قدم وبدون هذا اللامس سيكون على ارتفاع 1450 قدم فقط, لكن بشكل تقليدي فإنّ هذه الإنشاءات الديكورية يتم سحبها بدون اللوامس العليا.
وبهذا نصل إلى السؤال الذي يطرح نفسه: من هو البناء الأكثر ارتفاعاً؟
إنّه برج تايبيه 101 في تايوان, فعلى الرغم من أنه يحتوي على تسع طوابق أقل من برج سيرز, لكن ارتفاع هذا البناء أكثر بـ220 قدم من برج سيرز وبـ187 أكثر من برج بتروناس الموجود في ماليزيا والذي كان الأكثر ارتفاعاً قبل إتمام إنشاء برج تايبيه 101.

ناطحات السحاب فى مصر

 منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية، وصل ارتفاع البرج الأيقوني لـ188 متراً، وهو ما يوازى ارتفاع برج القاهرة، وجارٍ تركيب الجزء المعدني فى الدور الـ18. وتضم منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة، 20 برجاً باستخدامات متنوعة، ومنها البرج الأيقوني، وهو أعلى برج فى إفريقيا، بارتفاع نحو 387متر، وتقدر استثمارات هذا المشروع بنحو 3 مليارات دولار، ويتم تنفيذها بالتعاون بين وزارة الإسكان، ممثلة فى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وشركة (cscec) الصينية، وهى إحدى كبريات شركات المقاولات على مستوى العالم.

 شركة” CSCEC ” الصينية وهي أكبر شركة متخصصة في مجال الأبراج ناطحات السحاب على مستوى العالم تقوم بتنفيذ الأبراج بتقنيات عالية تحقق مُعدلات تنفيذ غير مسبوقة، موضحا أن هناك 7 شركات خرسانة تعمل بالموقع، ومعملين لتحليل “الخرسانة”، وهناك تنسيق كامل بين الأطراف المختلفة للعمل .

اهميه  ناطحات السحاب على المدى البعيد 

– ستكون ناطحات السحاب القادمة حلاً عملياً لمشكلة المدن العملاقة الملوثة في العالم النامي، وستتضمن هذه الصواعد الهوائية فتحات لسحب الهواء الملوث في قاعدتها ودفع الهواء نحو الأعلى من خلال عدد من المرشحات. حيث «ستزفر» ناطحة السحاب هواء نظيفاً مستخدمة بقايا الهواء (من المواد الملوثة له) كمواد لبناء المزيد منها. ويعتقد مصمموها أنها ستمثل رمزاً واعترافاً بمخاطر التلوث على المدن التي تحيط بها.

– يحاصر التغير المناخي كوكبنا شيئاً فشيئاً، والمناخ يزداد حرارة. ويميل الجفاف للاستمرار لفترات أطول. وفي المستقبل البعيد سيصبح تعديل المناخ ضرورياً لتوليد الهطولات المطرية، وتدعى هذه الأبنية «صانعة السحاب» وتستعمل تقنية الاستمطار التي باتت مستعملة منذ عقود، حيث يتم إطلاق يوديد الفضة نحو السحاب مما يزود بالمزيد من النوى التي ستجمع الرطوبة حولها، وربما ستوضع هذه الأبراج على سواحل كاليفورنيا كمثال، حيث الغيوم البحرية المنخفضة مثالية لاستمطارها أثناء مرورها.

– عندما يقترب نوعنا من الانقراض على الأرض لن تكون الطبيعة وقتها تشغل الأراضي؛ لأننا سنكون قد استخدمناها لبناء المدن، والقرى، وسيكون الملاذ الأخير للإنسانية هو استغلال الهواء عبر ناطحات السحاب، التي بنيت خصيصاً لتأمين الطعام. ومع مرور الوقت سنبني الحدائق البرجية التي ستستخدم لزراعة العديد من أنواع الخضار والفواكه والمحاصيل. وستمثل رمزاً لضرورة العودة للطبيعة واحترامها من أجل الحفاظ على النوع.

نشر المقال