بطولات رجال الشرطة في الذكرى الـ 69 

تعد الشرطة المصرية المؤسسة الأمنية التى تستهدف حفظ الأمن والأمان في ربوع مصر، حيث ينظم عملها وزارة الداخلية التي بدأت عام 1805 عندما أنشأ والي مصر وقتها محمد علي باشا ديوان باسم ديوان الوالي لضبط الأمن في القاهرة… وتطورت المهام ففي 25 فبراير 1857 عرف ما يسمى بنظارة الداخلية، ثم تحولت إلى وزارة , وعلي مدار تاريخها قدمت المؤسسة الأمنية الآلاف من أبناءها ما بين شهداء ومصابين بذلوا دماؤهم في إطار الإيمان بقدسية واجبهم في حماية أمن واستقرار البلاد لدفعها دوماً نحو التنمية.

لذا جاء عيد الشرطة المصري .. حيث يعد تخليدًا لذكري موقعة الإسماعيلية التي راح ضحيتها أربعة وستون شهيدا ومائتان جريح وأسر الف من رجال الشرطة المصرية علي يد الاحتلال الإنجليزي في 25 يناير عام 1952 بعد أن رفض رجال الشرطة المصرية تسليم سلاحهم وإخلاء مبني المحافظة للاحتلال الإنجليزي.

فقد مثلت معركة الإسماعيلية إحدى فصول النضال الوطني الذي ثار كالبركان إثر إلغاء معاهدة‏ 1936‏ التي كانت قد فرضت على مصر أن تتخذ من المحتل وليا لها، ليُفرض عليها عبء الدفاع عن مصالح بريطانيا، وتعاني غارات الجيش المحتل التي هدمت الموانئ وهجرت المدن  .

وما إن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها حتى ثارت الحركة الوطنية مطالبة بإلغاء المعاهدة وتحقيق الاستقلال، وما كان من حكومة الوفد إلا أن استجابت للمطلب الشعبي‏،‏ حيث‏ أعلن رئيس الوزراء مصطفي النحاس إلغاء المعاهدة أمام مجلس النواب  .

وفي غضون أيام قليلة نهض شباب مصر إلى منطقة القناة لضرب المعسكرات البريطانية في مدن القناة،‏ ودارت معارك ساخنة بين الفدائيين وبين جيوش الاحتلال , في الوقت الذي ترك أكثر من 91572 عاملا مصريا معسكرات البريطانيين للمساهمة في حركة الكفاح الوطني، كما امتنع التجار عن إمداد المحتلين بالمواد الغذائية .

الأمر الذي أزعج حكومة لندن فهددت باحتلال القاهرة إذا لم يتوقف نشاط الفدائيين، ولم يعبأ الشباب بهذه التهديدات ومضوا في خطتهم غير عابئين بالتفوق الحربي البريطاني واستطاعوا بما لديهم من أسلحة متواضعة أن يكبدوا الإنجليز خسائر فادحة‏.‏

شهدت المعركة تحالف قوات الشرطة مع أهالي القناة‏،‏ وأدرك البريطانيون أن الفدائيين يعملون تحت حماية الشرطة‏،‏ فعملوا علي تفريغ مدن القناة من قوات الشرطة حتى يتمكنوا من الاستفراد بالمدنيين وتجريدهم من أي غطاء أمني‏،‏ ورفضت قوات الشرطة المصرية تسليم المحافظة، رغم أن أسلحتهم وتدريبهم  لا يسمح لهم بمواجهة جيوش مسلحة بالمدافع‏.‏

وفى صباح يوم الجمعة الموافق 25 يناير عام 1952 قام قائد البريطاني بمنطقة القناة “البريجادير أكسهام” واستدعى ضابط الاتصال المصري، وسلمه إنذارا لتسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن منطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة , فكان رد المحافظة رفض الإنذار البريطاني وأبلغته إلى فؤاد سراج الدين، وزير الداخلية في هذا الوقت، والذي طلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام .

اشتد غضب القائد البريطاني في القناة وأفقده قرار الرفض أعصابه، فأمر قواته بمحاصرة قوات شرطة الإسماعيلية وأطلقوا نيران مدافعهم بطريقة وحشية لأكثر من 6 ساعات، في الوقت التي لم تكن قوات الشرطة المصرية مسلحة إلا ببنادق قديمة الصنع وحاصر أكثر من 7 آلاف جندي بريطاني مبني محافظة الإسماعيلية والثكنات والذي كان يدافع عنهما 850 جنديا فقط، مما جعلها معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المصرية المحاصرة، التي دافعت ببسالة عن أرضها بقيادة الضابط مصطفى رفعت حتى سقط منهم أكثر من خمسون شهيدًا والعديد من الجرحى الذين رفض العدو إسعافهم  .

ولم يكتف البريطانيون بالقتل والجرح والأسر، بل قاموا بهدم قرى مسالمة ، لاعتقادهم أنها مقر يتخفى خلاله الفدائيون، مما أثار الغضب في قلوب المصريين، فنشبت المظاهرات لتشق شوارع القاهرة مليئة بجماهير غاضبة تنادي بحمل السلاح لمواجهة العدو الغاشم  .

لذا تحرص الدولة فى هذا التاريخ على تكريم أبطالها من رجال الشرطة المصرية الساهرين على أمن الوطن  والمدافعين عن مصر ضد الإرهاب الغاشم وتحرص  الدولة على تكريم عددٍ من أسر شهداء الشرطة الذين استشهدوا، أثناء أداء واجبهم الوطنى. ووضع  إكليلٍ من الزهور على النصب التذكارى لشهداء الشرطة المصرية , وقد تم إقرار هذه الإجازة الرسمية لأول مرة بقرار من الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك في فبراير 2009باعتبار هذا اليوم إجازة رسمية للحكومة والقطاع العام المصري تقديرًا لجهود رجال الشرطة المصرية في حفظ الأمن والأمان واستقرار الوطن واعترافًا بتضحياتهم في سبيل ذلك .

نشر المقال