التجربة السنغافورية لاستثمار أموال الزكاة

فريضة الزكاة أحد الفرائض الأساسية إذ تعدّ أحد الأركان الخمس التي تجب على كلّ مسلم متى توفرت فيه شروطها وأسبابها, وأحكام الزكاة كثيرة نصّ عليها الله عز وجل في كتابه العزيز

 يقول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أمَوَالهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }  التوبة: 103

وأثبتت الدراسات بأنّ الزكاة أهمّ مصدر من المصادر الدّاعمة للنظام المالي والاجتماعي للفقراء , وتعتبر سنغافورة من  البلدان المهتمة بأمر الزكاة فقد أقدمت على تجربة في مجال استثمار أموال الزكاة , فبرغم من انها دولة صغيرة يشكل المسلمون فيها حوالي 15% من إجمالي عدد السكان، إلا أنهم وضعوا نظاما رائعا للزكاة يهدف إلى تحويل الفقير المستحق للزكاة إلى غني تجب عليه الزكاة , إذ يعيش في سنغافورة 6 ملايين نسمة تقريبا، لكنهم استطاعوا أن يصلوا دون موارد وثروات إلى أن يصبحوا رابع أهم مركز مالي في العالم يلعب دورا مهما في الاقتصاد العالمي، وأن يكون مرفأهم هو الخامس عالميا من حيث النشاط التجاري.

فيقوم المجلس الإسلامي في سنغافورة بعمل دراسة للأسر المستحقة للزكاة ثم يبدأ بصرف رواتب شهرية ودفع رسوم المدارس والامتحانات لأطفال تلك الأسر، بالإضافة إلى تعليم وتدريب الوالدين في نشاط تجاري معين لمدة سنتين ومنحهم رأسمال لإنجاح مشروعهم مع دعم استشاري، وبعد انتهاء العامين تكون الأسر قد خرجت من قائمة المستحقين للزكاة، ليبدأوا في تسديد ما صرفه المجلس عليهم، بأقساط لا تتعدى الزكاة المفروضة من أرباحهم.

 وبهذه الوسيلة أصبح لدى المجلس الإسلامي في سنغافورة فائضا من نفقات الزكاة وكل المصروفات، ويمكن لأي مواطن أن يرى ذلك ظاهرا بشفافية على صفحة الموقع الإلكتروني للمجلس، ومن خلاله يعلم دافعو الزكاة والصدقة أين تصرف أموالهم، وماذا تحقق بها وكيف استفاد الفقراء وتحولوا إلى أغنياء يشاركون في دفع الزكاة.

كل ما تحقق لسنغافورة كان من خلال تبني أفكار لبناء الإنسان ودعمه ليكون منتجا، وهو المنطلق الذي يجب أن نبدأ من عنده التفكير .

نشر المقال